كتاب الرسائل1 دوستويفسكي
كتاب يضم بمجلديه أكثر من 250 رسالة تتناول جميع مراحل
حياة الكاتب، أولها أرسلها إلى أمه وهو في الثانية عشرة من العمر وآخرها أملاها على زوجته وهو على سرير الموت.
يقول المترجم عن هذا المشروع الأدبي الفائق الأهمية: “دوستويفسكي أعلن مراراً أنه لا يجيد ولا يحب
كتابة الرسائل. وربما لذلك تحديداً جاءت رسائله بصيغة غير مألوفة تماماً. وأنا لا أخشى توصيفها “بالروايات المصغرة”.
ففي الرسالة الواحدة، سواء كانت بعشر صفحات أو ببضعة سطور، كل مقومات المنمنمة الروائية من توطئة وحبكة وحدث وإثارة وما إلى ذلك.
ولعلي أقول أيضاً أن رسائل المجلدين تمثل أعظم رواية وثائقية في تاريخ الأدب العالمي تضم 250 فصلاً وبطلها الرئيسي فيودور دوستويفسكي نفسه، وأبطالها الثانويون أخوه ميخائيل وزوجته الأولى ماريا عيسايفا وزوجته الثانية آنـّا غريعوريفنا والعشرات من الشخصيات الإجتماعية ورموز الأدب الروسي في عصره الذهبي.
فجاءت الرسائل بمثابة دائرة معارف تختلف عن سائر الإنسكوبيديات التي يقرأ المرء منها ما يحتاج إليه فقط من مقالات، بينما يعجز عن غلق “إنسكوبيديا دوستويفسكي” ما لم يقرأها جملة وتفصيلاً، من أول رسالة حتى آخر رسالة. ففي كل رسالة أكثر من جديد.”
ويواصل الضامن حديثه: “ أؤكد على الأهمية العملية لرسائل دوستويفسكي، وخصوصاً في المراحل المبكرة من حياته. فقد كانت بمثابة المختبر الأدبي التجريبي لشحذ موهبته وطاقاته الإبداعية. ولذا يخيل إلي انها لعبت دوراً كبيراً في خلق كاتب مميز ليس كبقية الكُتّاب. وقد أمضيت سنة في ترجمتها هي من أفضل سنوات العمر
بعد قراءة هذه الرسائل ثَبَت لي بشكل واضح كم كان دوستويفسكي روسيّاً وطنياً حتى النخاع! وأحياناً استأت أنا شخصياً من تلك الوطنية المفرطة – والتي رأيت أنها مبالغ فيها جداً جداً. ولكن ربّما في ذلك الزمن كان لا بد للوطنية أن تتخذ شكلاً معيناً (متطرفاً ربّما). أو ربّما أن دوستويفسكي كان مُرهف الحِس بشكل لا يسمح بأن تكون مشاعره الوطنية معتدلة أو متزنة.
أيضاً يتأكد للقارىء بعد الانتهاء من الرسائل أن دوستويفسكي مات ولم يذُق في حياته يوماً هنيّاً! حياته كلها عذاب وديون ومرض. مع ذلك يُدهشني كيف احتفظ بإيمانٍ صلب قوي بالمسيح وبالله. إن ذلك الكم الهائل من المتاعب والمنغصات التي تعرض لها ذلك المسكين كفيلة بأن تهُدّ إيمان أكبر مؤمن – خاصة في زمن كان الإلحاد فيه قوياً نوعاً ما .. وكان فيه العلم قوياً والنظريات التي تهدم الإيمان التقليدي قوية جداً...