كتاب سنواتي مع دوستويفسكي أبوليناريا سوسلوفا
فيودور ميخايلوفيتش دوستويفسكي هو روائي وصحفي وفيلسوف روسي. وهو واحد من أشهر الكُتاب والمؤلفين حول العالم. رواياته تحوي فهماً عميقاً للنفس البشرية كما تقدم تحليلاً ثاقباً للحالة السياسية والاجتماعية والروحية لروسيا في القرن التاسع عشر، وتتعامل مع مجموعة متنوعة من المواضيع الفلسفية والدينية.
أشتهر الكاتب الروسي العظيم فيودور دوستويفسكي بمجموعة كبيرة من أفضل الروايات ذات الطابع الإنساني التي تجمع بين القيمة الأدبية و القيمة الجمالية، و قد أستطاع أن يغوص من خلالها في خبايا النفس الإنسانية ويصف تحولاتها ما بين السمو نحو الفضيلة والسقوط في الرذيلة وبين الإيمان والالحاد وما إلى ذلك بأسلوب أدبي ساحر يجذب القراء.
وقد ترجمت أعماله إلى العديد من اللغات وأصبحت أفكارها وشخصياتها جزءا من تراث البشرية الروحي. إن أثمن ما في تراثه هو رواياته. وقد اشتهرت في العالم بصفة خاصة روايتا - الجريمة والعقاب - الاخوة كارامازوف اللتان عبرتا بأكمل صورة عن فلسفة الكاتب.
نبذة عن فيودور دوستويفسكي:
– ولد عام 1821م، وكان الطفل الثاني لميخائيل وماريا دوستويفسكي، والده كان طبيباً جراحاً في مستشفى مريانسكي للفقراء حتى تقاعد وصار مدمنًا على الكحول.
– كان لإقامة والده في مستشفى مريانسكي الواقعة في أسوأ أحياء موسكو أثراً كبيراً عليه، إذ كان يتجول هناك بين الفقراء ويشاهد البؤس الذي يعيشونه، انعكست مشاهداته لكل هذا الفقر والبؤس على كتاباته لاحقاً، فشخوص رواياته اشتهرت ببؤسها وتعاستها.
– تمتع ومازال بشهرة عالمية واسعة، وترجمت أعماله إلى الكثير من اللغات، وتحولت شخصيات رواياته إلى تراث روسي يفخر به، وتعد أعماله مصدر مهم يلهم المفكرين والكتاب، ويذكر البعض أنه مؤسس مذهب الوجودية.
– عمل مهندس ملازم وبدأ بنشر رواياته، وقام بتقديم استقالته من منصبه عندما شعر أن مهنته العسكرية يمكن أن تشكل خطراً على مسيرته الأدبية، خاصة أنه شق طريقه في الوسط الأدبي وبدأت أعماله بالظهور والازدهار.
– تدهورت صحته عام 1877 فقد كان مصاباً بالصرع واشتدت عليه النوبات في هذه الفترة، وكان بهذه الأثناء يقوم بكتابة مذكراته.
– توفي فيودور دوستويفسكي عام 1881 متأثراً بمرضه، ونُقش على قبره اقتباس من انجيل يوحنا: "الحق الحق أقول لكم إن لم تقع حبة الحنطة في الأرض ونمت فهي تبقى وحدها، ولكن إن ماتت تأتي بثمرٍ كثير".
أبوليناريا سوسلوفا كانت حبيبته وملهمته و”صديقته الخالدة”، كان لها تأثير كبير على أعماله الأدبية، وقد استوحى منها معظم بطلاته، ورغم أنها رفضت الزواج منه، كان تأثيرها على حياته أكبر من تأثير زوجتيه، إنها أبوليناريا سوسلوفا، الطالبة الثائرة التي حلمت أن تصبح كاتبة.
“أحَبَّها إلى الآن، أحَبَّها كثيراً، وتمنى لو أنه لم يحبّها”، إنه فيودور دوستويفسكي العظيم، عملاق الأدب الروسي وخبير النفس البشرية، التي اعترف له فرويد ونيتشه بمعرفته العميقة لخباياها.
بالرغم من فارق السن بينهما، عاشا قصة حب قوية، غامضة ومضطربة، حيّرت الدارسين بأسرارها، قصة تكشف لنا هذه اليوميّات شذرات منها، وتقدِّم لنا شهادة عن حياة المثقفين الروس في المهجر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر.
كتاب سنواتي مع دوستويفسكي – أبوليناريا سوسلوفا
ولعل أمتع ما في هذه اليوميّات أنها تجعل من دوستويفسكي نفسه شخصية دوستويفسكية، يقف أمامنا بكل إزدواجيته وتناقضاته: بنبله ووضاعته، بعبقريته وعيوبه، بغنى أدبه وإفتقاره إلى المال إلى درجة “يستحيل أن تنزل به إلى حضيض أسوأ من هذا الحضيض”، فهو عاش حياة زاخرة، عملاً بالنصيحة التي قدّمها لصديقته في آخر هذا الكتاب:“لا تعتزلي الناس، وانفتحي على الطبيعة، انفتحي ولو قليلاً على العالم الخارجي وعلى كل الأشياء، إن الحياة الخارجية، الحياة الحقيقية، تطوِّر طبعنا الإنساني كثيراً، وتمدّنا بالأدوات التي تساعدنا في الحياة”