رواية مذكرات قبو – دوستويفسكي
في هذه الرواية يصف دستويفسكي العوالم الداخلية لانسان لا يجد
لنفسه موقعا في كنف المجتمع,ومن ثم يأخذ في صب جام غضبه
وحقده ومخاوفه انطلاقا من مسكنه المعتم الذي يقع في قبو ارضي على
الطبيعة البشرية أن مأساة هذا الأنسان المهان والحقود هي ورغبته ووعيه
في مستقبل افضل,وهي في الوقت ذاته ,ادراكه لاستحالة تحقيق ذلك ,
اذا حتى حب ليزا له , وصفحها عنه,وهي تلك الفتاة التي ما فتىء يهينها ,
حتى ذلك الحب الذي كان من الممكن ان يغير فيه شيئا ,
ويفتح له طريقا نحو حياة سعيدة , ظل بطلنا يرفضه,
مفضلا الانزواء في قبوه,مسجون في كبريائه الجريحة ,
وعزة نفسه المهانة,ونزعته الشريرة,وسخطه ومرارته.
لقد اعتبرة رواية “مذكرات قيو” بتأثيرها البين على فكر بعض الكتاب الكبار ,
من قبل نيتشه وكافكا وكامو , واحدة من المؤلفات الوجودية الأولى
قالوا عن الرواية
كنت أمام شخصية من تلك الشخصيات التي صورتها عبقرية دستويفسكي …
عصّية على فهمها ولم اتمكن من فك الغازها أو فتح مغاليق أسرارها..
وهنا تكمن عبقرية الكاتب …
رجل في الأربعين من عمره لا يسكن قبوه بل القبو من يمكث فيه…
يحتمي فيه منعزلاً حانقاً من الانسانية بأسرها
لم يفارق ذاكرته كل صفعات الأهانة التي تلقاها في
حياته ولم يقابلها إلا بالتمرد والسخط عليها..
و لم يلتفت اليه أحد يوماً أو يلتمس صداقته ..
يرى فى أعين الآخرين نظرة احتقار واذدراء لشخصه لذا ادعى الذكاء والوعى
حد ما يُميزه عنهم وكم ضاق ذرعاً بعزلته فكان دوماّ متوقاً لمعانقة البشرية
ولكن سرعان ما يفشل ويرتد خائباً منهزماً..
يقترف الآثام ويستشعر باللذة والتى تنقلب عذاباً ومرارة لا يمكنه التخلص منهم ..
أشفقت عليه كثيراً ..كان يحاول ان يستشعر بالكرامة وصون كبريائه بمحاولته
اخضاع الآخرين واذلالهم له ولم يستطع يوماً أن يبدأ شيئاً ولا ان يُنهي شيئاً..
وعندما غلبته رغبته الجامحة في اذلال أحدهم وقع اختياره بكل قسوة زائفة
مُصطنعة على من تكون قد احبته في لحظة صدق قد لا تتكرر ثانية في حياته
ومع كل هذا الشقاء الذي يصارعه إلا إنه يرى فى نفسه الخسة والوضاعة بل الخبث والشر ..
حقاً لم يكن يسكن قبواً بل القبو هو من كان يسكنه…